حكاية عند كل منعطف

حكاية عند كل منعطف

نستكشف شوارع السعودية من خلال عدسة المصورة الفوتوغرافية سارة الأنصاري
09 نوفمبر 23
Photo Essay: Sarah Alansary
Share

أمضت سارة الأنصاري، التي ولدت في المدينة المنورة، جزءًا كبيراً من حياتها في الرياض، المدينة التي تحب وتعرف عن كثب. قد يكون هذا الارتباط هو ما أتاح لمصورة الشارع توثيق الحياة في عاصمة المملكة لسنوات. فقد حظيت سارة، من خلال عدستها، بفرصة استكشاف كثير من الأماكن، ولقاء عدد كبير من الأشخاص. ورغم أنها جعلت التصوير مهنة لها، إلا أنها تحرص على التقاط الصور بحرية تامة، وفقاً لشروطها الخاصة. وخلال لقاء خاص أجريناه مع المصورة المحترفة، سألناها عن بداياتها، تجاربها، إبداعاتها وتميزها على مستوى فن التصوير الفوتوغرافي.    

ما الذي دفعك إلى احتراف تصوير الشارع؟

ما أثار اهتمامي في ما يتعلق بتصوير الشارع هو أنه يتيح لي التقاط مشاهد عفوية تروي كثيراً من الحكايات. فهذا النوع من التصوير يسمح لي بتحويل أي مشهد عادي إلى آخر استثنائي. ورؤيتي الجمال في ما يتم تجاهله عادة هو ما دفعني إلى احتراف تصوير الشارع بالدرجة الأولى، وما زال يشجعني على المضي قدماً.

هل ترين في التصوير الفوتوغرافي شغفاً أم مهنة؟

هو شغف بالتأكيد. فالتصوير وسيلة للتعبير عن الذات ومنفذ إبداعي، وقد أتاح لي استكشاف مختلف الأماكن ولقاء كثير من الأشخاص. في الواقع، لا ألتقط الصور لاعتبارات مهنية إلا نادراً. فأنا أفضل فعل هذا لدوافع ذاتية مع التمتع بالحرية التامة على المستوى الإبداعي.

وما وظيفتك اليومية؟

تابعت دراستي في مجال الهندسة المعمارية في جامعة الأمير سلطان وحصلت على الشهادة مؤخراً، وأعمل حالياً في مجال التصميم في شركة الدرعية.

ما الذي شجعك على الانطلاق إلى عالم تصوير الشارع؟

حدث ذلك حين بدأت تعلم التصوير الفوتوغرافي، فقد كنت ألتقط الصور للمدن ولمعالم هندستها المعمارية. لكن حين أصبحت أكثر ارتباطاً بهذا الفن، تعرفت، من خلال مواقع التواصل تحديداً، على أنواعه المختلفة، مثل تصوير الشارع والتصوير الوثائقي على المستويين المحلي والعالمي. وقد جذبني تصوير الشارع لأنه يقوم على التقاط الصور للأشخاص، فتساءلت عما إذا كان بإمكاني فعل الأمر نفسه.

كيف تتحول صورة الشارع إلى مشهد لا يُنسى برأيك؟

أعتقد أنه يمكننا الحديث عن مشهد لا يُنسى حين يتعلق الأمر بالتقاط لحظة لا تتكرر. وأرى أن مصور الشارع المبدع هو من ينجح في نقل المشاعر من خلال صوره.

وما القصة التي تريدين روايتها من خلال صورك؟

على مر التاريخ، التقط سكان المملكة عدداً قليلاً من الصور التي تروي قصصاً عنها. لذا أطمح إلى توثيق حاضر السعودية انطلاقاً من وجهة نظري كقاطنة فيها. وفي هذا السياق، أرغب في تسليط الضوء على اللحظات اليومية في حياة الناس وفي اكتشاف التفاصيل المثيرة للاهتمام في إطار يومياتنا.

ما الدور الذي يؤديه التناقض بين الأبيض والأسود والألوان في صورك؟

برأيي يمكن، من خلال صور الأبيض والأسود وتلك الملونة، التعبير عن مشاعر مختلفة. أشعر بأن بعض الصور لا تعبر عن موضوعها بشكل تام إلا إذا تم التقاطها بالأبيض والأسود. لكن عليّ الاعتراف بأنني أميل عادة إلى الألوان وأستمتع بالتقاط الصور الملونة. وقد تأثرت بأعمال عدد من أكثر المصورين الفوتوغرافيين شهرة، مثل أليكس ويب وهاري غرويارت اللذين يلتقطان الصور الملونة.

ما الصورة أو القصة التي  لن تنسيها يوماً؟

التقطت صورة لمناسبة يوم التأسيس. حينها شاهدت عجوزاً ترتدي عباءة وتضع على رأسها غطاء ذهبياً تقليدياً. اقتربت منها وسألتها عما إذا كان بإمكاني التقاط صورة لها، وبالفعل وافقت على ذلك. أما ما أثار اهتمامي فهو ما قالته حينها، إذ أشارت إلى أنها تعرضت لإصابة في ساقها وأنه تعين عليها الذهاب إلى المستشفى، لافتة إلى أنها قررت الاحتفال بيوم التأسيس بدلاً من ذلك. لم ترد تفويت فرصة الاحتفال بأمجاد بلدها، وإن كانت تشعر بالألم.

كيف رأيت التغيير الذي شهدته المملكة من خلال عدستك؟

أنا سعيدة الحظ لأنني أحترف التصوير الفوتوغرافي في هذه المرحلة الزمنية التي تشهد حدوث تغييرات إيجابية كبيرة في السعودية. أشعر بأنه الوقت المثالي لأكون مصورة في بلدي. تثير إعجابي قدرة هذه الوسيلة على توثيق هذا الجزء المهم من التاريخ، وأتمنى أن ألقي نظرة على أعمالي يوماً ما لأستعيد مثل هذه اللحظات.

ما الدور الذي تؤديه مواقع التواصل في مجال عملك؟

أعتقد أن لمواقع التواصل دوراً إيجابياً على مستوى عملي. فقد أتاحت لي أولاً التعرف على فن تصوير الشارع والتواصل مع كثير من المصورين الذين يقومون بعمل رائع. كما استخدمت تلك الوسائل لعرض أعمالي، وآمل أن يشكل هذا مصدر إلهام لآخرين.

كيف تختارين مواضيع صورك؟

أبحث عن أشخاص يقومون بأمور مثيرة للاهتمام، كأن يرتدوا ملابس ذات تصاميم فريدة، أو يعبروا عن مشاعر من نوع ما. وقد يجذبني موضوع ما بسبب توفر بعض العناصر الخارجية، مثل الإضاءة، الأشكال المحيطة بموضوع الصورة، فضلاً عن الألوان والخلفية وغيرها.

وكيف تجعلين الأشخاص يشعرون أمام عدستك بالراحة؟

لا أفرض نفسي على الناس عموماً، بل أحاول الاندماج مع محيطهم، ولا أبدي اهتماماً كبيراً بحضوري. وإذا تعين عليّ التقاط صورة شخصية لشخص ما، أتحدث إليه لبعض الوقت وأشرح له سبب رغبتي في التقاط الصورة. يُظهر بعض الأشخاص التردد، إلا أنهم يبدون موافقتهم حين أوضح لهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيارهم وإلى احتراف التصوير عموماً. أعتقد أن الصدق هو الوسيلة الأكثر تأثيراً في مثل هذه المواقف. 

التقطت كثيراً من الصور الشخصية؟ فهل تعتبرين إحداها مفضلة لديك؟

لا يسعني اختيار صورة بعينها، لذا أشير إلى أنني أحب التقاط الصور لأشخاص يعيشون الفرح والسعادة الخالصة. أحب التقاط الابتسامات على وجوه الناس، فلا شيء يضاهي ذلك روعة.