فخامة مستدامة على حافة البحر الأحمر

فخامة مستدامة على حافة البحر الأحمر

وجهة رائعة تعد بإقامة فاخرة في أكبر وجهة سياحية صديقة للبيئة في العالم
12 أكتوبر 23
Saudi Red Sea Project
Share

على امتداد الأراضي البكر، على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، يقام مشروع البحر الأحمر الذي يشكل مثالاً على فوائد كبرى يمكن تحقيقها من خلال السياحة البيئية. فما يتم التخطيط له والسعي إلى إنجازه هو تحويل المنطقة إلى نقطة جذب عالمية للمسافرين، تعتمد بشكل تام على الطاقة المتجددة. ويجمع هذا المشروع التطويري، بطرق مبهرة، الفخامة العصرية وعناصر الطبيعة، من المياه النقية، إلى الجزر الحالمة فالشواطئ الدافئة والشعاب المرجانية ذات الألوان الساحرة.

ويشغل مشروع البحر الأحمر مساحة 28.000 كيلومتر مربع من المناطق الساحلية والصحراوية، ويشمل أكثر من 90 جزيرة ويضم نحو 50 فندقاً فاخراً وأكثر من 1000 مبنى سكني. لا شكّ في أن التفاصيل المرتبطة بالإقامة على هذه المساحة مدهشة، لكن أكثر ما يثير الاهتمام في هذا السياق هو الحرص التام على الالتزام بمعايير الاستدامة. إذاً، يمكن القول إنه يشكل تصوراً عالمياً جديداً للسياحة المتجددة، بل إنه يذكّر بمفاهيم مثل السفر المسؤول، ضرورة الحفاظ على المجتمع والبيئة المحليين، إلى جانب تقديمه بعض التجارب التغييرية المهمة.

نشاطات

يقدم هذا المشروع الضخم فرصة المشاركة في مجموعة واسعة من النشاطات. تشمل الشواطئ العذراء، البراكين الخامدة، المساحات الصحراوية  الشاسعة، الأودية الجبلية، والمواقع التاريخية. ويضاف إلى ذلك، الأكاديمية الرياضية ذات المستوى العالمي التي ستقدم وسائل تدريب متطورة ونادي اليخوت الذي يعد بتوفير مجموعة من اليخوت العادية والفاخرة في تربل باي Triple Bay. كما يتضمن المشروع ملاعب للغولف والتنس، فضلاً عن مساحات مخصصة لرياضات المنطقة مثل الفروسية، البولو، سباق الإبل والصقارة (أو الصيد بالصقور).

ويقدم مشروع البحر الأحمر كل ما يبحث عنه عشاق المغامرات. فهو يوفر مسارات الهايكنغ (المشي لمسافات طويلة) وركوب الدراجات وسط المناظر الطبيعية والصحراوية الرائعة على مقربة من حقول الحمم البركانية. وهنا سيتمكن الضيوف أيضاً من السفر عبر الزمن من خلال القيام بجولات في المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين والتي تتيح لهم تتبع خطى الرحالة القدماء.

لكن قد يصبح الشاطئ البكر الوجهة الأكثر بروزاً، علماً أن الوصول إليه لم يكن ممكناً في السابق إلا بواسطة السيارات رباعية الدفع. في الواقع، لم يشكل هذا الشاطئ مقصداً لمحبي الغوص من قبل. وهذا ما أدى إلى الحفاظ على شعاب مياهه المرجانية (تشكل رابع أكبر جدار مرجاني في العالم). وهكذا يتيح مشروع البحر الأحمر فرصة الاطلاع على مشهد الحياة البحرية المتنوع من خلال الغطس في المساحات المائية الواسعة غير المستكشفة، والغوص إلى الأعماق لبلوغ حطام سفينة خشبية غرقت قبل 300 عام. 

ولأن بعض الزوار يفضلون استكشاف الماء من دون مغادرة اليابسة، يشكل معهد الحياة البحرية مركزاً للأبحاث العلمية ووجهة سياحية، علماً أنه يضم 10 مناطق توفر النشاطات البحرية المختلفة مثل تجارب الواقع المعزز وعبور الممرات المائية والتنقل على متن الغواصات وممارسة الغوص الليلي.

أماكن الإقامة

ينتظر عشاق الضيافة الفاخرة أن يتم، خلال شهر ديسمبر من هذا العام، افتتاح منتجع سانت ريجيس البحر الأحمرSt. Regis Red Sea، على أن يلي هذا افتتاح فندقين آخرين. وقد تم بناء هذا الصرح الفاخر في جزيرة أمهات، وهو منتجع يضم 90 غرفة، وقد صممه المهندس المعماري الياباني كينغو كوما، علماً أنه يمكن الوصول إليه بواسطة قارب مستأجر أو طائرة مائية.

وتتميز كل من فيلات هذا المنتجع الواقعة فوق الماء بمسبح خاص، تراس شمسي، وإطلالة رائعة على المياه الفيروزية الخلابة. وفي موقع غير بعيد، يشارف تجهيز منتجع نجومة Nujuma، على الانتهاء، ليشكل بذلك إحدى محميات ريتز كارلتون Ritz-Carlton الخمس وأكثرها فخامة حول العالم.

وفي الجهة الداخلية للمشروع، يمتد منتجع Six Senses Southern Dunes الذي يوفر لضيوفه إقامة فاخرة في غرفه الـ76 والذي يذكر بطرق التجارة النبطية القديمة. ويركز هذا المنتجع على توفير طرق العناية المتنوعة، من خلال العلاجات في السبا، جلسات اليوغا أمام مشهد البحر، وتجربة الطعام الراقية التي تتبع مفهوم الاستدامة وتحتفي بالمطبخ المحلي. إلا أن الخدمات التي يقدمها لا تقتصر على ذلك، بل تشمل أيضاً أول شبكة 5G لا تسبب الانبعاثات الكربونية. وينتمي هذا المنتجع إلى مشروع أمالا AMAALA التطويري الأكثر اتساعاً والذي يشكل وجهة إقامة فاخرة على الساحل الشمالي الغربي.     

ومن المنتظر أن يتم افتتاح أمالا AMAALA في العام 2025، ليوفر أكثر من 3900 غرفة في 39 فندقاً، إلى جانب نحو 1200 فيلا، شقة ومنزل. وستضاف إلى خيارات الإقامة الفاخرة هذه متاجر راقية للبيع بالتجزئة، مطاعم فاخرة، ومرافق صحية وترفيهية.     

مشروع صديق للبيئة

انسجاماً مع التزامها بقواعد الحفاظ على البيئة، حرصت شركة البحر الأحمر الدولية Red Sea Global، أي الشركة المطورة لمشروعيّ السياحة المتجددة، البحر الأحمر وأمالا، على بناء خمس مزارع للطاقة الشمسية لتزويد المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر بالطاقة، باستخدام أكثر من 760.000 ألف لوح شمسي.

ويذكر أن الشركة، المملوكة بالكامل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، أبرمت اتفاقية امتياز مدتها 25 عاماً مع شركة كهرباء فرنسا وشركة "مصدر" الإماراتية لتوفير خدمات الطاقة لمشروع أمالا AMAALA. وسيتيح هذا الاتفاق توليد أكثر من 410.000 ميغاواط في الساعة سنوياً، أي ما يكفي لتزويد 10.000 أسرة بالطاقة لمدة عام كامل.  

ولا بد من الإشارة إلى أن البحر الأحمر بات يضم أكبر مساحة من المناظر الطبيعية، ويرتبط هذا بجهود تم بذلها لزراعة نحو 4 ملايين شجرة، نبتة، وشجيرة. وما أن يصل طول الشتول إلى 80 سنتم، يتم نقلها إلى الحدائق المنتشرة في مختلف أنحاء منطقة المشروع، علماً أن المخطط يشمل زارعة 50 مليون شجرة مانغروف بحلول العام 2030.  

فريق عمل محترف

لا يسع هذه الوجهة الفاخرة أن تحقق النجاح من دون الاعتماد على خبرات فريق عمل محترف. ولهذا السبب عقدت شركة البحر الأحمر الدولية اتفاق شراكة مع جامعة الأمير مقرن وEHL Hospitality Business School السويسرية الراقية. ويشمل هذا الاتفاق تقديم المنح الدراسية لطلاب متخرجين من المدارس الثانوية، وتوفير الإمكانيات التي تساعدهم على الحصول على درجة البكالوريوس في مجال إدارة الضيافة الدولية. ويتعين على هؤلاء متابعة منهج دراسي يجمع المعلومات النظرية والخبرات العملية ويعتمد معايير الضيافة السويسرية والعالمية.

كذلك يتضمن المشروع برنامج رواد ضيافة البحر الأحمر الذي يهدف إلى تدريب وتوظيف الطاقات المحلية في قطاعيّ السياحة والضيافة. وفي هذا الإطار يمكن الطلاب الحصول على الدبلوم المتوسط من جامعة تبوك، وهي شهادة معتمدة من جامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية. وتهدف هذه البرامج التعليمية إلى تقديم الدعم لنحو 10.000 من حملة الشهادات، على أن ينتمي 50% منهم على الأقل إلى المناطق المحيطة بمشروع التطوير. 

كيفية الوصول

حدّد مطورو مشروعيّ البحر الأحمر وأمالا AMAALA الحد الأقصى لعدد السياح الذين يمكنهم زيارة كل من الوجهتين. وأشاروا إلى أنه يمكن المشروع الأول استيعاب نحو مليون زائر فيما يمكن أن يصل عدد زوار الثاني إلى 500.000. ويمكن هؤلاء الوصول إلى وجهتهم عبر مطار البحر الأحمر الدولي الذي يُنتظر افتتاحه هذا العام. وفي المرحلة الأولى سيتم تسيير رحلات من الرياض وإليها، ثم من جدة وإليها على أن تنطلق الرحلات الدولية في العام 2024. ويشار إلى أن تصميم هذا المرفق الجوي يحمل توقيع شركة الهندسة المعمارية البريطانية Foster + Partners، علماً أنه المطار الأول في منطقة الشرق الأوسط الذي سيعتمد بشكل تام على الطاقة المتجددة.

إذاً لا يعتبر مشروع البحر الأحمر الذي سيشارف على نهايته بحلول العام 2030، إنجازاً سياحياً ضخماً فحسب، بل إنه يشكل دعوة يتم توجيهها إلى العالم أيضاً. فهو يضع حداً للمواجهة بين الرفاهية والاستدامة، ليثبت أنهما شريكتان. ويعتمد لهذه الغاية على الطاقة المتجددة والوسائل التكنولوجية المبتكرة، كما يلتزم بالمعايير البيئية. لذا يمكن القول إنه ليس الوجهة السياحية الصديقة للبيئة الأكبر في العالم فقط، بل بارقة أمل في عالم صناعة السفر عموماً. أما الكلمة الأخيرة التي يمكن إضافتها فهي أن الإرادة والتصميم يصنعان النجاح.