كنتُ أركب الطائرة، على بُعد ثلاثِ ساعاتٍ من السعودية، فَخَطرتْ على بالي فَجأةً: فكرةٌ مُذهِلة.. حيث قفزتْ إلى ذهني أماكنُ قريبة مِنّي، فقلت في نفسي: لِم لا أزورُها لأستمتعَ بالجلوس في أحضان الطبيعة تارةً، أو أخوضَ المغامرات المختلفةَ، أو أتجوّل في نواحيها لأستكشف الجوانب الثقافية والتراثية فيها؟
اتصلتُ على الفور بأصدقائي فأخبرتهم بهذه المفاجأة.. أُعجبوا بالفكرة وتحمسوا لها، فقررتُ أنْ أحجزَ تذكرةً للسفر مع أصدقائي، وأن أحْزِمَ حقيبةَ سفري نهايةَ الأسبوع..
إنه أمر يستحقّ المحاولة.
جزيرة صير بني ياس، أبو ظبي
هي إحدى أكبر الجزر الطبيعية على الساحل الشرقي لأبو ظبي، وتفاجئ هذه الجزيرة زائريها بما تقدّمه لهم من خيارات شيّقة، ففيها: متنزّه الحياة البرية العربية، الفنادق الفاخرة، ومجموعة متنوعة من النشاطات العائلية التي تساعد في تحقيق التوازن المثالي بين المغامرة والاسترخاء.
ما أَدهَشنا هو: أنّ "رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله"، كانت تبدو متحققة ومزدهرةً في هذا المكان.. حيث رأينا أنواع الحيوانات المحلية المختلفة النادرة، ومنها: غزال الرمل، وحيوانات المها العربية، التي كانت تَشغَلُ أكثرَ من نصف مساحة الجزيرة، مع وجود نحوِ سبعةَ عشرَ ألفَ حيوان.
جلسنا على مقاعدِ سيارات رباعية الدفع، وبدأنا بالاستمتاع بمشاهدة الزرافة، والضبع، والفهد، وغيرها.. كانت مَشاهدَ رائعة، ومنظرًا خلابًا.
ظهرتْ في الأفق حيوانات مميّزة تعيش في الهواء الطلق.. اقتربتْ مِنّا وأخَذتْ تتمايلُ أمامنا، وتقوم بِجولات بَحرية على الشاطئ.. رأينا في الجزيرة مجموعة من الإسطبلات التي تُؤوِي كثيرًا من الخيول العربية الأصيلة، وثمّة خبراءُ يقدّمون توجيهاتهم للمبتدئين في مجال ركوب الخيل، وآخَرون يُرشِدون المُحترفين وهم يقودون خيولهم عَبرَ كُثبان "ياس" الخلابة.
وعلى مسافة قريبة، تنتظِرك "سلاحفُ مِنقار الصّقر" النادرة، وهي تغطس بمناقيرها الصغيرة في البحر، وتلهو في الماء فرحة، وحَولها الشِّعابُ المرجانية المحيطة بالجزيرة، التي تدعوك بمنظرها البديع إلى الغطس!
أخذنا نتجوّل في أنحاء الجزيرة مُنبهرين بما فيها من مناظرَ بديعة، حيث وصلنا إلى "منتجع وسبا جزر الصحراء Resort and Spa Desert Islands"، وشاهدْنا: المَدفن القديم، والدَّيرَ المسيحيّ الوحيد المُكتَشفَ في الإمارات حتى الآن.
نحن الآن في شَهري أبريل ومايو، والجوّ يميلُ إلى الاعتدال. واحتفالًا بالعيد، يقام على الواجهة البحرية، في جزيرة ياس؛ عرضُ ألعاب نارية رائع، فيما تُوفّر حدائقها الترفيهية كثيرًا من النشاطات المميّزة، والعروض التقليدية، وطرق الترفيه العائليّ.
تشُدّ الجزيرةُ مُحبّي الحياة البرية إلى الاستمتاع بالرحلات الصباحية في منتجع فيلات أنانتارا الساحليّ؛ حيث يمكن الوصول إليه بواسطة سيارةٍ رباعية الدفع، فقط.. إنها متعة جديرة بالمغامرة..
الساحل الشماليّ، مصر
يعتبر هذا الامتداد الشاسع للبحر الأبيض المتوسط؛ مِن أكثر المناطق جذْبًا في شمال أفريقيا، خاصة في أواخر فصل الربيع، حين تكون درجاتُ الحرارة دافئةً، والطقسُ معتدلًا.. حينَها يُمكنك الاستمتاع بحمّام الشمس، دون تَعرّض جسدك للأذى.
يأتي السكانُ المحلّيون إلى هذا المكان، من القاهرة والإسكندرية، مِن أجلِ أخْذ قسط من الراحة، وهم يُقِيمون في الفنادق الفخمة الهادئة، ويستمتِعون بمشاهدة زُرقة المياه الدافئة، ويغوصون بأقدامهم في الرمال الذهبية الناعمة..
يضمّ هذا الشاطئ: منطقتين (جديدة، وقديمة)، ويُخبِّئ ساحلُ مِصرَ الشماليّ كنزًا من المواقع الأثرية، والمتاحف، فضلًا عن ملعبٍ خاصّ لعُشّاق الرياضات المائية.
يوجد في هذا الساحل: منتجعاتٌ كثيرة، على رأسها: منتجع شاطئLavam في مارينا العلَمين، ويقصِده كثيرٌ من الزوّار والمُقِيمين. ويمكن للزائر هناك: استِئجار الدراجات الهوائية، والاحتفال بالألعاب المتنوعة نهارًا.
كما يتميّزُ في أنحاء الساحل: شاطئُ أمواج Amwaj Beach، بمَسابِحه ومَطاعمه. ونحن نتجوّل في الساحل؛ لَمْ نَنْسَ أنْ نتوَجَّهَ إلى "رأس الحكمة"؛ حيث رأينا مُنحدرات الرمال الذهبية وهي تمتدّ نحو الخُلجان الهادئة الخالية من الأمواج.. يا له مِن مَنظر خلّاب، يسلب العقول والعيون فيَجذِبَهم نحو تَمضِيَة عطلاتهم هناك. ويتميَّز هذا الشاطئُ بخدمات: التزلُّج على الماء، والتجذيفِ بالقارب، والتجذيف بالكاياك. كما يُمكِن للزائرين: القيامُ برحلةِ صيدٍ قبل تناوُل الطعام.
يوجد في الساحل الشمالي: فندق Casa Cook North Coast ، ويقع في الإسكندرية. وهو فندق متميِّز، ويُعدّ: نموذجًا للمناطق الهادئة في مصر، علمًا بأنه يمتازُ بجدرانه المَبنية من الجِصّ، ومَسابِحه المُغطاة بمظلّاتٍ مِن القَشّ.
رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة
تقع رأس الخيمة مقابل عُمان، على بُعد ساعة بالسيارة، من دبي، وهي منطقة ساحلية جبلية، ومَوْطِن لِأَعلى القِمم الجبلية في الإمارات العربية المتحدة.
في رأس الخيمة جبلٌ يسمّى: "جبل جيس".. إنه يدعو رُوّادَه لِتَسلُّقه، ويُكافئ مُتسلّقِيه بإطلالةٍ رائعة على جبال الحجر. ويُمكنُ لمُحبّي المغامرات: الانزلاقُ على أَطْوَل خطّ مُنحدِر في العالم، بين القمم الرائعة.
هناك، عند مستوى سطح الخليج العربيّ؛ نرى مُرشِدين سياحيِّين يقودون مجموعة من الغواصين، ويُشجّعونهم على السباحة في أعماق البحر، داخل المياه الزرقاء.. تحيط بهم: السلاحفُ الخضراء، والأسماك متعدّدة الألوان، بل وحتى الحيتان التي يمكن رَصْدُها أثناء الجلوس على مَتْن يَخْتٍ فاخر، يتمّ استئجاره، خاصة حين تهبط الشمس في الأفق، وتتلألأ أضواءُ المدينة على الساحل.
وعلى هذا الساحل أيضًا ترتفعُ "أشجارُ المانغروف" الكثيفةُ، فوق المحار، وتحلِّقُ في أعلاها: طيورُ الفلامنغو الوردية، فيما تسكنها بين الحين والآخَر: الطيورُ المهاجرة. ولو شئتَ أن تَظفرَ بأفضلِ طريقة لرؤية هذا المشهد الساحليّ الساحر؛ فمَا عليك سوى الجلوس على متن أحد قوارب الكاياك، والتأمُّل!.
ويُعَدّ المشيُ على مَسار "السلالم إلى الجنة"، في وادي غليلة: خيارًا ممتازًا في هذا الوقت من السنة، مع ضرورة اتباع توجيهات منظّمِي رحلات الهايكنغ.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أيَّ رحلة إلى رأس الخيمة، لا يمكن أن تكتملَ دون استكشاف "قَرية الصيد القديمة" في الجزيرة الحمراء.
وعلى ضِفاف الساحل، وطُولِه، وعلى شاطئ الحمرا؛ يتربّعُ فندق "ريتز كارلتون The Ritz-Carlton ، رأس الخيمة"، بموقعه الخاصّ، وهو يَزهُو بعَمارتِه ذات الطابع البدويّ، وسْط كثيرٍ من أشجار النخيل.
من مسقط إلى صَلالة، عُمان
لا يزال كثيرٌ من مُحِبّي السفر، لا يَعرفون ما تُخبِّئه عُمان لهم من مفاجآت، بتراثها التجاريّ، ومَناظرها الطبيعية الحافلة بالحكايات القديمة، وغير ذلك.
وتُعتبرُ عُمَانُ مَقصِدًا لعُشّاق المغامرات، كما تُتيحُ جُزرُها غيرُ المأهولة، وجبالُها الوَعرة، وكثبانُها الرّمليةُ اللامتناهية، ومُدنُها، وبلداتُها المنتشرةُ على رمالها؛ تُتيحُ الفرصةَ لخَوض تجربةٍ غامرةٍ بالسعادة في هذا المحيط الثقافيّ الغنيّ، وسْطَ المَشاهد الطبيعية الخلابة.
وتتميَّز عُمانُ برُوحها البدوية التي تَعمل على إبرازها: "شركةُ السفر السياحية الرائدة في السلطنة Hud Hud Travels"، وهي تُقِيم مُخيَّمًا فاخرًا يعود بالزائرين إلى عصر السفر الذهبيّ، مع توفير كلّ وسائل الراحة الحديثة. كما تنظِّم رحلاتِ المغامرات للمجموعات، وكذا: الرحلات الخاصة، فضلًا عن: المعسكرات على طول الطرقات.
ويُوفّر برنامج Hud Hud جولةً سياحية، من: مَسقط، إلى صلالة، على ظهور الجِمال، أو بواسطة القوارب، أو الدراجات الرباعية. وتُتاح للزائرين فرصة القيادة على الكثبان، والتزلج على الرمال، والقيادة على الطرق الوعرة، وسْطَ مناظرِ جبال الحجر الخلابة.
ولا يمكن أن نترك "الرُّبع الخالي" وراءنا، دون أن نزوره؛ حيث يَمنحُ الصمتُ التامُّ، والهدوءُ الساكنُ فيه: شعورًا بالراحة، أمام الكثبان الرملية، والمواقع التراثية، وأسراب الفلامينغو، خاصة في فصل الصيف. وتنطلق الرحلة إليه من مدينة صلالة المُزيَّنة بأشجار النخيل. للحجز: hudhudtravels.com
مقالات ذات صلة
